حين ينعى القاضي عمر الوسلاتي صديقة الطفولة استاذة العربية نجاة الوسلاتي

سلاما لروحك يا نجاة!
قد لا يتسع المجال لنعي صديقة الطفولة ولن تسعفني الكلمات لنعيها ،نحن جيل السبعينات كتبنا احلامنا باظافرنا ،ونحن نشق تلك السهول والوديان الوعرة ونغتسل بالامطار ذهابا وايابا لمدرستنا البعيدة، نجاة الوسلاتي واحدة من البنات اللواتي صمدنا في ريفنا لاجل المعرفة، نجاة استاذة العربية في معهد بوعرادة الثانوي ،قضينا هناك سبع سنوات طويلة بليلها وايامها الصعبة المالحة نجاة كلمة طيبة حين تقال تكون دفعة واحدة هادئة وطيبة ،لم نلتقي منذ زمن بعيد فرقتنا المناهج وابعدتنا الحياة بحلوها ومرها ، نجاة تحملت اعباء رسالة التعليم والعائلة ، اعطت كل حرف ولم تبخل بصحتها ولم تدخر شيئا لعثرات الحياة ونكبات الدهر ، حتى رحيلها لم يكلف احدا شيئا متعففة كما عرفتها ،امنت بفعل التغيير وانبتت في المستحيل الامل ما كنت احسب انها كانت تعد العدة لترحل فجاة قبل ان يتفتح الزهر وتورق البراعم بجهودها المضنية كاستاذة تعليم ثانوي،نجاة غادرت قبل ان تقول كلمتها الاخيرة لابناءها من التلاميذ الذين يستقبلون النتائج النهائية لإمتحان الباكالوريا ،لا اعرف اخر مرة التقينا ولكن ذكريات الطفولة جعلت من نجاة،صورة منقوشة لمناضلة ،تونسية عميقة رحمة من الله عليك يا نجاة وسلاما لروحك الطاهرة وصبرا جميلا لاهلك وزملائك وعائلتك وابناءك وكل من يعرفك،سلاما سلاما لروحك !
عمر الوسلاتي