زراعة المكتبات… حين يثمر الحلم كتبًا وأملاً في أرياف تونس
من فكرة صغيرة أطلقها الكاتب والروائي كمال الرياحي، وُلدت حركة ثقافية أصيلة عنوانها “زراعة المكتبات”. فكرة تحوّلت إلى فعل ميداني، إلى أيادٍ تحمل الكتب بدل المعاول، تغرس الرفوف بدل الأسوار، وتنثر بذور الحبر في تربة الأرياف التونسية التي طالما عطشت إلى الثقافة والمعرفة.
في هذا الحلم الجماعي، واصلت جمعية متطوعون بوعرادة المسير، مؤمنة بأن الكتاب ليس ترفاً، بل سلاحاً في وجه الجهل والفقر والجريمة. فحملت الفكرة إلى المدارس الريفية، إلى أقصى القرى التي يندر فيها صوت القراءة، لتزرع هناك مكتبات صغيرة تنبض بالحياة. مكتبات بدأت من مبادرة فردية، ثم تحولت إلى شبكة من المشاريع المتكاملة التي تجمع بين القراءة والإبداع والتربية على المواطنة.
لم تكتف الجمعية بزرع المكتبات، بل احتضنت المواهب اليافعة من تلاميذ وتلميذات المدارس الريفية، فأنشأت ورشات للكتابة والرسم والحكي، وأنتجت معهم مؤلفات جماعية للأطفال — كتب شارك فيها اليافعون أنفسهم بأقلامهم ورسوماتهم، لتكون ثماراً حقيقية لزراعة المعرفة. هذه الإصدارات تُعرض اليوم في معارض الكتب وفي أنشطة بيع تضامنية، لتعود مداخيلها لدعم مشاريع مكتبات جديدة في القرى والمدارس المحتاجة.
تعمل جمعية “متطوعون بوعرادة” في صمت، ولكن بإصرار، مدفوعة بإيمانها بأن الثقافة ليست ترفاً للنخب بل حقّ لكل طفل تونسي. ومن خلال حملتها التي تسعى إلى “مائة مكتبة في مائة مدرسة ريفية”، تمضي الجمعية بخطى ثابتة لتجعل من الكتاب شجرةً تورق في كل قرية، ومن كل مدرسة منارةً ضد الظلام.
هكذا، تحوّل الحلم إلى فعل، والفعل إلى أثرٍ خالدٍ في عقول الصغار وقلوب الكبار. فحين يُزرع الكتاب في أرضٍ عطشى، لا يُثمر ورقاً فقط، بل يُثمر كرامةً ووعياً وحياة.
بقلم عمر الوسلاتي
#من_قال_ان_الاحلام_سقفا
#مكتبات_الخيال
#جمعيةمتطوعون
https://www.facebook.com/share/v/14Q519u8Qz4/

