!
فتحت النوافذ، ونسيم منعش تسرب بين ثنايا الروح، وكأن الحياة تعيد ترتيب نفسها في تلك اللحظة. رذاذ المطر هذا الصباح مزق صمت الشوارع، همس الراكضين الذين يسعون نحو الحياة والكرامة، بينما كان رجلٌ يتوقف ليعبر الطريق، ينظر حوله بعينين مليئتين بشغف البحث عن اي شيء ،لا جواب ،ربما تعب من الحياة يبحث بعينيه في كل ركن، وكأنه يفتش عن أعز ما فقد، مثل ورقة شجر تائهة في الريح. ومن مقهى قريب، تتسللت أنغام فيروز إلى مسامعي، تغني برقة:
“يا طير، يا طير، يا طير
يا طير يا طير، بالحب بعيش
كيف بتسأل، وينكم، وينكم يا ناس…”
تلك الكلمات تثير في قلبي شعوراً عميقاً، فهي تشبه صدى الأشواق المدفونة في أعماق النفس. كانت القهوة التي لامست شفتي مرّة، لكنها منحتني دفئاً في تلك اللحظة، وكأنها تفشي أسراراً، و تسلل الأمل بين أصابعي بينما كنت أشارككم يومي.أستمع إلى فيروز، فتنتابني فكرة، متخيلًا كيف يجلس الناس في المسرح البعيد، ينظرون إلى بعضهم البعض بعيون مليئة بالحنين والتوقع، في انتظار ما يجلبه الغد. فأتساءل في سري: “قداش فيه ناس على المسرح تنطر ناس؟” وكأن تلك الأغنية تجمعنا، تربطنا بخيوط غير مرئية، تدفعنا للمضي قدماً في رحلة الحياة، حتى وإن كانت مليئة بالتحديات والمفاجآت، نبحث على الدوام عن أحلامنا المعلقة، مثل نجوم تلمع في سماءٍ غامضة.!
بقلم عمر الوسلاتي
