كلُّ صباحٍ… محكمة الضمير

كلُّ صباحٍ… محكمة الضمير
«الظلم لا يحتاج إلى قساة، يكفيه صامتون يبرّرون.» — ألبير كامو
صباح الخير؟ ليست تحيّة، بل سؤال يُلقى كلّ صباح في وجه الضمير قبل اللسان. وأنت تقوم سليمًا معافى، تذكّر من ينتظر الشفاء، لا لتشفق عليه، بل لتعرف أنّ نعمتك مسؤولية. وأنت تكتب، انتبه: الكلمات ليست هواءً، قد تكون يدًا تمتدّ، وقد تكون سكينًا تُغرس. كم إنسانًا سقط لأنّ أحدهم استسهل الإهانة.وأنت تركن سيارتك بطمأنينة، تذكّر أقدامًا صغيرة تمضي إلى المدرسة والبرد ينهش عظامها، وتذكّر أنّ الطريق ليس متساويًا، وأنّ العدل لا يبدأ من القوانين وحدها بل من السلوك اليومي. وأنت تأكل وتضع جبينك للصلاة لله الواحد، لا تنسَ الذين ينامون في الشوارع بلا سقف ولا اسم؛ فالإيمان الذي لا يرى الجائعين إيمان أعمى.وأنت تُصدر حكمك، تذكّر أنّ ضحيته قد لا يكون فردًا فقط، بل المجتمع كلّه. فالكلمة الظالمة، والصمت المتواطئ، والتبرير الأنيق، كلها أشكال عنف. الشرّ لا يولد صاخبًا؛ الشرّ يكبر حين نُهينه في غيرنا ونسمّيه رأيًا، وحين نصمت عنه ونسمّيه حكمة.
هذا نصّ ، لا ضدّ أشخاص، بل ضدّ القسوة حين تصبح عادة، وضدّ اللامبالاة حين تُلبس ثوب التعقّل. كلّ صباح امتحان للكرامة: إمّا أن تختار أن تكون إنسانًا، أو أن تكتفي بدور شاهد زور.
بقلم عمر الوسلاتي