بقلم عمر الوسلاتي
سيدي مصطفى “المدّب”… حيٌّ في قلوبنا إلى الأبد في ذاك الركن الهادئ من مدينة بوعرادة، في جامع “الصفاء” الصغير بمصلاه وقاعته المتواضعة، كانت بداياتنا. هناك، في سبعينات القرن الماضي، أمضينا عامين كاملين على يديك، يا سيدي مصطفى، نتهجّى حروف القرآن ونخطّ أول سطورنا نحو النور. بأدوات بسيطة، وبقلب يشبه النور، علمتنا القراءة والكتابة، وغرست فينا حب القرآن وقيمه الكبرى: الرحمة، الأخلاق، والتسامح. ما كنت مؤدبًا فحسب، بل كنت أبًا لكلّ طفل، تمدّ يدك بحنان، وتمسح دموعنا بصبر، وتهمس لنا عن الله لا بالخوف بل بالحب. لم تخفنا من الله، بل جعلت حضوره دافئًا في قلوبنا… كما كنت أنت. كانت أجرتك “الخميسية” — خمسون مليمًا كل خميس — رمزًا لتواضعك ونُبلك، لكنها لم تُقِم وزنًا لحجم ما منحتنا من علم وحب وضياء. كنت تُنير الطريق لأطفال المدينة والأرياف معًا، دون تفرقة، دون صخب، فقط بروحك التي حملت الخير. اليوم، بعد أكثر من أربعين عامًا، ما زال صوتك يرنّ في وجداني، أسمعه كلما رفعت رأسي إلى السماء، كلما كتبت كلمة أو قرأت آية. أشعر بك في همسات الحروف، في دفء الذكريات، في نور الكلمات. سيدي مصطفى، في كل حرف نكتبه، لك أجر، وفي كل ذكرى نرويها، لك دعاء. رحمك الله، وجعل مثواك روضًا من رياض جنته.