إلى صديقة المعهد ، الكاتبة عيشة السلامي بقلم عمر الوسلاتي

إلى صديقة المعهد ، الكاتبة عيشة السلامي
حين تختار عيشة السلامي الكتابة، فإنها لا تكتفي بسطورٍ تُقرأ، بل تفتح بواباتٍ لأسئلةٍ لا تنغلق، وتفكّ شفرات الطابوهات كما لو كانت تُعيد ترتيب الذاكرة. تتسلّل أفكارها من ثنايا الماضي، وتستدعي زمناً جميلاً كنّا نحن وكلماتها فيه توأمين للحلم.
وها هي اليوم تعود بـ “سرّ الصخرة الملساء”، رواية تُكتب بالصاعقة وبالصمت، وتصوغ من الجرح والأسطورة عالمًا سرديًّا فريدًا. طفلة تضربها الصاعقة فتصير شاهدةً بكماء على ما يُكتم، أبٌ يطارد وهم الكنز المدفون، عشّاق يختبرون حدود الحرية، شباب يبنون جسور الخيال في مواجهة العزلة، ومهاجرون يراهنون على البحر… جميعهم يتقاطعون عند صخرةٍ ليست حجرًا فحسب، بل قدرٌ ملساء يحمل سرّ الوجود.
تُحوّل عيشة واقع القرى التونسية، بأحلامها المجهضة وجراحها الدامية، إلى أسطورة إنسانية مفتوحة على كل قارئ. لغتها مشبعة بالشعر، سردها يجاور الغناء، وحكايتها تتجاوز حدود المكان لتصير مرآة لشرط الإنسان في كل زمان: صمتٌ خانق، وقدر أثقل من الصخر، وحلم لا ينطفئ.
وإذا كان الناقد الأمجد العبيدي قد التقط سرّ هذا النص العميق، فإننا أمام عملٍ يثبت أنّ الرواية التونسية قادرة على تحويل المأساة إلى فنّ، والجرح إلى أغنية مقاومة.
شكرًا يا عيشة لأنك منحتينا هذه الصخرة التي تلمع بوهج الأسطورة، ولأنك جعلتنا نسمع بالصمت ما تعجز الكلمات عن قوله.
بقلم عمر الوسلاتي