الفن الشعبي… لماذا يُقصى من قرطاج؟ بقلم: الأستاذ مكرم العرفاوي في الوقت الذي تُفتح فيه أبواب مهرجان قرطاج الدولي أمام أسماء عالمية وأخرى تونسية ذات صيت إعلامي واسع، يُقابل الفن الشعبي في تونس – مرة أخرى – بالتهميش والإقصاء. فنان شعبي أصيل، من أبناء هذا التراب، له جمهور واسع في المدن والأرياف، حُرم من إقامة حفل في قرطاج هذا العام، رغم كل ما قدّمه للأغنية الشعبية التونسية من إضافة ونبض شعبي صادق. الفن الشعبي ليس مجرّد “لون فني” كما يحلو للبعض تصنيفه، بل هو مرآة لثقافة الناس، صوتهم الصادق، وتعبير عن أفراحهم وأحزانهم. فأين الإشكال إذا صعد فنان شعبي على ركح قرطاج، وصدح بصوته أمام جمهور يعشق الأرض والموروث؟ هل قرطاج حكر على “النخب الثقافية”؟ ألا يحق للمواطن البسيط أن يرى فنه وذائقته ممثلة في أكبر مهرجان فني في بلاده؟ الفنان الشعبي وليد الصالحي الذي حُرم من قرطاج لم يطلب صدقة، بل حقاً مشروعاً. جمهوره أوسع من أن يُنكر، وحضوره في الأعراس والمهرجانات الجهوية و الدولية يثبت أن ما يُقدمه ليس عابراً ولا سطحياً. فهل يُعقل أن يُفتح الركح لمن لا يعرفه الجمهور، ويُغلق في وجه من صنع البهجة في قلوب التونسيين لعقود؟ ليس المطلوب أن يتحول قرطاج إلى سوق شعبية، بل أن يعترف بتعدّد الذوق التونسي، وأن يمنح فرصة لفنّانينا الشعبيين للتعبير، للتألق، ولإثبات أن الفن الشعبي لا يقل نبلاً ولا قيمة عن أي لون آخر. إن تجاهل هذا النوع من الفن هو في النهاية تجاهل لشريحة واسعة من التونسيين. ختامًا، إن الفنّ لا يُقاس بلغة النُخبة فقط، بل بما يلمس القلوب ويُفرح الناس. والفنان الشعبي وليد الصالحي هو في طليعة من يفعلون ذلك. فارفعوا التهميش عنه، وافتحوا له أبواب قرطاج، لأن صوته، ببساطة، صوت تونس. —